melkhamlichi2
قافلة ذاكرة : غَدُنا، يبدأ اليوم...
Updated: Jan 3

أصداء ذاكرة نساء ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان:
من أجل متحف افتراضي
ينظم «مركز حقوق الانسان للذاكرة والأرشيف»، بالشراكة مع جمعية «حلقة وصل: سجن - مجتمع»، وجمعيات محلية وجهوية، وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الانسان «قافلة ذاكرة»،
تحت شعار: «غَدُنا، يبدأ اليوم...»
في كل من إملشيل ومرزوكة والحسيمة والرباط.. من شهر دجنبر 2022 إلى متمِّ شهر مارس 2023،
في موضوع: «نساء ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان: من أجل متحف افتراضي.
في السياق؛
لقد اكتسى موضوع حفظ الذاكرة بالفعل طابعا أُممياً، منذ انبثاق تجارب في العدالة الانتقالية في عديد من دول العالم، في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا(...) للتعبير على ضرورة حفظ ذاكرة ضحايا الانتهاكات الجسيمة كآلية لمعرفة حقيقة ما جرى، ولجبر الأضرار وتمكين كل الفرقاء في الدولة والمجتمع من المصالحة مع الذات والتاريخ، إلى جانب ما يحققه ذلك من معارف موضوعية قابلة لدعم سيرورة الاحترام الشامل لحقوق الانسان وترسيخ قيم الديموقراطية.
صحيح أن مسألة الذاكرة، الجماعية والفردية، برزت في الحقل الفلسفي والحقوقي والسياسي والثقافي العالمي منذ منتصف القرن العشرين، وذلك عقب الحرب الكونية الثانية الحادثة في القرن العشرين، وتحديداً عقب المحارق والانتهاكات الجسيمة للأعراف الإنسانية ولقيم حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني.
منذ ذلك الحين، اِتَّسع استعمال أسئلة الذاكرة الأليمة، ليعُمّ كل مناطق العالم وشعوبها، بحيث لم ينجُ أي مجتمع من العودة الانعكاسية إلى فترات ماضية من تاريخه، سواء تعلق الأمر بذاكرة محارق الحروب (الهولوكوست النازي، مثالاً) أو بذاكرة عنف السيطرة والاستعباد الاستعماري لشعوب إفريقيا وأمريكا وآسيا... بل امتدّ استعمال الذاكرة إلى جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل أنظمة الحكم المستبدة والديكتاتورية، بما فيها العنف السياسي والاجتماعي الممارس ضد النساء.
لقد تُوج هذا المسار، بتشريعات مؤسساتية أممية، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات وتشريعات مرسِّخَة لهذا النهج، من بينها القرار الصادر في 18 دجنبر سنة 2013 (البند العاشر)، القاضي بتـشجيع الـدول الـتي لم تقـم بعـدُ بوضـع سياسـة وطنيـة للمحفوظـات، تـضمن حفظ وحماية جميع المحفوظات المتصلة بحقـوق الإنـسان وسـنِّ قـانون يـنص علـى صَـوْن التـراث الوثـائقي للأمـة وحفظـه..
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الجهود الـتي يبـذلها حاليـاً مجلـس حقـوق الإنـسان، ومفوضـية الأمـم المتحـدة لحقـوق الإنـسان ومنظمـة اليونيسكو وهيئات دولية غير حكومية أخرى.
هذا على المستوى الدولي، أما على المستوى الوطني فقد توالتْ المؤشرات الدّالة على الانخراط في هذا المسار، حيث تم إطلاق التجربة المغربية الخاصة بالعدالة الانتقالية، بإحداث «هيئة الإنصاف والمصالحة» (30 أبريل 2004 - 30 نوفمبر 2005)، بناءً على مطالب الضحايا وعموم الحركة الحقوقية من جهة، ومن جهة أخرى استجابة لمتطلبات الانتقال الديموقراطي في البلاد. وفي ذات السياق، تم التوافق على هذا المسار بين أغلب المكونات السياسية في الدولة والمجتمع... وعشية التجربة المغربية في العدالة الانتقالية، حفلت الساحة الحقوقية والثقافية المغربية بوفرة من التعبيرات الفنية والأدبية والشهادات، تعبيراً عن ذاكرات الضحايا وإحداثيات ترتبط بسنوات الرصاص المغربية. لقد مثَّلَ ذلك دعوةً صريحة إلى إعادة كتابة التاريخ، من حيث تنطلق تلك الاحداثيات والذاكرات.
في هذا السياق، اعتمدت هيئة الإنصاف والمصالحة منهجيةَ النوع الاجتماعي كخيار يشمل جميع مجالات تدخلاتها، باستحضار شهادات نساء في جلسات استماع عمومية، ورصد نوعي للانتهاكات التي تعرضت لها المرأة في خصوصياتها، حيث يتبيَّن أن هكذا عنفٍ يؤثر بشكل سلبي مضاعف على شخصية المرأة جسدياً ومعنوياً واجتماعياً، مما يلحق أضراراً تدميرية بهويتها الجندرية من جهة، وبتماسك المجتمع الذي تنتمي إليه من جهة أخرى. وهكذا تكون هذه الهيئة قد أرست نهجاً نوعياً لحفظ ذاكرة نساء طالهنَّ الانتهاك والتهميش والنسيان.
يتبين إذن، أن الاحتجاز والاعتقال التعسفي للنساء، ظل يمثل شكلاً من أشكال العنف المؤسساتي للدولة ضد النساء باعتبارهن الفئة الاجتماعية الأكثر عرضة للاضطهاد، ناهيك عن أن العنف يزداد أكثر في الترتيبات المكانية للسجون، النظامية وغير النظامية، التي قد تمثل سياسات مُؤسساتية للدولة.
إن السجون كحيز مكاني مغلق وعنيف ينضاف إلى العنف المعياري القائم على التمييز الاجتماعي.
ولمّا كان العنف ضد النساء كانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، يرتبط بكل من السلطة السياسية والسلطة الاجتماعية القائمة على النظام البطريركي التقليدي، فإن جزءً كبيراً من ذاكرة النساء ضحايا العنف تبدو غير مرئية وعرضةً للتهميش والنسيان. وفي الغالب الأعم، ظلت التعبير والتدوين حكراً على الرجل، حيث تتضاعف دلالات هذا الاحتكار أكثر في سياق الذكورية السائدة وفي الفكر الذكوري القامع، ولا سيما حين يتأطر هذا الفكر ضمن سياق أعمّ وأشمل، ألا وهو سياق عنف الدولة والمجتمع (البطريركي، هنا).
فلما كان تثمين ذاكرة النساء ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، يُمثل عنصراً رئيسياً من إجراءات جبر الأضرار الفردية والجماعية للضحايا، فإن هذا التثمين من حيث هو جبر معنوي للضرر، قد يُشكل قوةً محفزةً للتغيير في حياة الضحايا، وآلية تَحوُّل في مسار الانتقال من وضعية انعدام المساواة القائمة على النوع الاجتماعي، إلى إقامة توازن وعدالة في الهياكل والعلاقات الاجتماعية في مجال المساواة بين الجنسين. إن تثمين ذاكرة النساء ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، تكتسي، إذن، أهمية بالغة في تأثيرها، ليس فقط تجاه نساء - ضحايا، وإنما كذلك على كل الأجيال المتلاحقة من الجنسين، سواء تعلق الأمر بمشاركة النساء في الحياة العامة أو الخاصة، حاضراً ومستقبلاً، أو تعلق بالقطع مع ما جرى من انتهاكات جسيمة، كان لها تأثير ليس فقط على النساء وإنما كذلك على أجيال متلاحقة من الجنسين.
من منطلق هذا السياق، وبناء على دستور المغربي (2011)، ولاسيما تصديره والفصول: 6 و25 و26 و31 و33 و161؛ نستحضر واجب تثمين وحفظ ذاكرات نسائية، ليس للوقوف فقط على جراح طالت نساءً كُنَّ ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وإنما للسَّعي والمساهمة عملياً، ومن خلال هكذا ذاكرات، إلى إحداث مواقع للضمير والذاكرة، المحلية أو الإنسانية، المادية أو الافتراضية، بإشراك الأجيال المتلاحقة من تعلُّمِ الدروس مما جرى.
على مستوى المقاربة؛
اعتماد المنهجية الحقوقية، في الأساليب التربوية والتحسيسية والتثقيفية، الضامنة للموضوعية والقابلة للتفعيل والتنفيذ على مستويات حقوق الإنسان والديموقراطية؛
اعتماد منهجية عملٍ حاضنة للطاقات الشابة، من مختلف الشرائح والجهات، بجعلها تنفتح على التجارب الوطنية والدولية في ذات المجال؛
الارتكاز على مقومات التجربة المغربية في العدالة الانتقالية، في تثمين ذاكرة الضحايا بشكل عام والضحايا من النساء بشكل خاص، باعتبار أن ذاكرتهن لطالما ظلت غير مرئية إلاَّ ما ندر؛
اعتبار أن حفظ ذاكرة النساء، ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، عامل للنهوض بالذاكرة الجمْعية ككل، وبالتاريخ المغربي بكل روافده؛
المساهمة في تمكين الأجيال المتلاحقة من فهم العوائق وإزاحة الكوابح المُعطِّلة، بسبب ما راكمه ثقل التاريخ وأثر الذاكرة من إحباطات سابقة، والانخراط في مسارات الاعتداد بالهوية المُواطِنة والوطنية، وفي أفق استشرافٍ لحاضرٍ ومستقبلٍ تُحفظ فيه الكرامة الإنسانية للجميع وتُصان فيه قيم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية؛
وضع خطة مندمجة لحفظ الذاكرة وفق أسس تربوية، يتم فيها التنسيق والتعاون بين فعاليات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الانسان والثقافة، كما يتم فيها الانفتاح المُثمر على التجارب الدولية المُقارَنة في مجالات العدالة الانتقالية والتجارب الفُضلى في إحداث وتأهيل وتدبير المتاحف ومواقع الذاكرة والضمير؛
على المستوى الإجرائي؛
يقوم المشروع على تنظيم «قافلة ذاكرة»، تتشكل من معارض فنية لبورتريهات النساء، توازيها عروض وورشات تكوينية وتحسيسية وتثقيفية؛
تعبرُ «قافلة ذاكرة»، مدناً وبلْدَات: إملشيل، مرزوكة، الحسيمة، مراكش ثم الرباط؛
تستمرُّ فعاليات «قافلة ذاكرة» لمدة ثلاثة أيام على الأقل؛
تتمثل نماذج البورتريهات المعروضة من عينات نساء، يُمثِّلن أصداء نساء كنَّ ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، بشكل مباشر أو غير مباشر:
أصداء ذاكرة نساء من جبال الأطلس (أحداث مولاي بوعزة)
أصداء ذاكرة نساء من جبال الريف
أصداء ذاكرة نساء من سنوات الرصاص
أصداء ذاكرة نساء رائدات، ضمن حركات عائلات المعتقلين السياسيين
أصداء ذاكرة نساء
تتوجه «قافلة ذاكرة» إلى الشباب كفئة مستهدفة (25 مشارك/مشاركة)، وذلك من خلال اعتماد مقاربات تشاركية وتفاعلية (مقاربة التثقيف بالنظير)، لما لھا من دور فعال في التعلم الأفقي، وبما تسمح به من استثمار لتجاربهم ومھاراتهم، من أجل تقْوِيَتِھا وتطويرها، مع حثِّھم وتحْفیزھم على الانخراط في نقاش القضايا المجتمعية والحقوقية، و إشراكهم في إنتاج آلیات التحسيس والتوعية في مجال حفظ الذاكرة والنهوض بحقوق الإنسان وترسيخ قيم العدالة والانصاف والمصالحة والسلام؛
يقوم مجموعة من المؤطرين والمؤطرات (ممن لهم خبرة في الموضوع) بتنشيط فعاليات «قافلة ذاكرة» بتثمين ذاكرة النساء المعْنيَّات، من خلال تقديم وعرض البورتريهات التشكيلية والشهادات والسرديات والتعبيرات الجمالية، لتكون قاعدة للحوار بين المشاركين ولقراءة الماضي مما يسمح بتأهيل الحاضر وبناء مستقبل خالٍ من القبح ومتّسِعٍ للكرامة الإنسانية؛
تتطلّعُ «قافلة ذاكرة» إلى تمكينَ الفئات المستهدفة من الاستعمال الجَیِّد للصورة التشكيلية وللشهادة الشفهیة والمكتوبة وللنص القانوني والحقوقي، وبحسن اعتماد التكنولوجيات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي في عمليات الاستكشاف والرَّصد لتعبيرات الذاكرات النسائية والمواقع الرمزية ذات الصلة؛
تتوخى «قافلة ذاكرة» المساهمة في إحداث متاحف محلية، قد تصبح روافد، في المديات القريبة أو المتوسطة، إمكانية لإقامة متحف افتراضي يتَّسع لكل النساء اللواتي تعرَّضن للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على امتداد الخارطة الوطنية والجهوية والعالمية؛
تتوخى فعاليات «قافلة ذاكرة» إنتاجَ مواد تعليمية، تحسيسية وتثقيفية وجمالية، (ذات الأثر المضاعَف) في تعَلُّمَات أخرى، تُرافع من أجل إحداث متاحف محلية، أو تؤثِّثُ لمتحف رقمي افتراضي يتوجه إلى الجمهور الواسع؛
ختاماً، ومن أجل الاتصال والتواصل والتفاعل والاطلاع والمتابعة، يضعُ مركز حقوق الانسان للذاكرة والأرشيف رهن إشارة عموم الإعلاميين والمهتمين والمتتبعين، العناوين التالية:
Fatna EL BOUIH : fatna.elb@gmail.com
Tel : 0661 85 33 03
Mohamed El KHAMLICHI: m.elkhamlichi@gmail.com
Tel : 0624 30 20 22
https://www.facebook.com/profile.php?id=100088486754104
قراءة وتحميل بصيغة pdf
الإطلاع على اعلان القافلة السابقة
نساء ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان: من أجل متحف افتراضي ينظم «مركز حقوق الانسان للذاكرة والأرشيف»، وبالشراكة مع جمعية «حلقة وصل: سجن ـ مجتمع»، وجمعيات محلية وجهوية، وبدعم من المجلس الوطني لحقوق الانسان «قافلة ذاكرة»، في كل من إملشيل ومرزوكة والحسيمة والرباط، من شهر دجنبر 2022 إلى متمِّ شهر مارس 2023، تحت شعار: «غَدُنا، يبدأ اليوم...» في موضوع: «نساء ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان: من أجل متحف افتراضي. في السياق؛ لقد اكتسى موضوع حفظ الذاكرة بالفعل طابعا أُممياً، منذ انبثاق تجارب في العدالة الانتقالية في عديد من دول العالم، في أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا(...) للتعبير على ضرورة حفظ ذاكرة ضحايا الانتهاكات الجسيمة كآلية لمعرفة حقيقة ما جرى، ولجبر الأضرار وتمكين كل الفرقاء في الدولة والمجتمع من المصالحة مع الذات والتاريخ، إلى جانب ما يحققه ذلك من معارف موضوعية قابلة لدعم سيرورة الاحترام الشامل لحقوق الانسان وترسيخ قيم الديموقراطية. صحيح أن مسألة الذاكرة، الجماعية والفردية، برزت في الحقل الفلسفي والحقوقي والسياسي والثقافي العالمي منذ منتصف القرن العشرين، وذلك عقب الحرب الكونية الثانية الحادثة في القرن العشرين، وتحديداً عقب المحارق والانتهاكات الجسيمة للأعراف الإنسانية ولقيم حقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني. منذ ذلك الحين، اِتَّسع استعمال أسئلة الذاكرة الأليمة، ليعُمّ كل مناطق العالم وشعوبها، بحيث لم ينجُ أي مجتمع من العودة الانعكاسية إلى فترات ماضية من تاريخه، سواء تعلق الأمر بذاكرة محارق الحروب (الهولوكوست النازي، مثالاً) أو بذاكرة عنف السيطرة والاستعباد الاستعماري لشعوب إفريقيا وأمريكا وآسيا... بل امتدّ استعمال الذاكرة إلى جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ظل أنظمة الحكم المستبدة والديكتاتورية، بما فيها العنف السياسي والاجتماعي الممارس ضد النساء. لقد تُوج هذا المسار، بتشريعات مؤسساتية أممية، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات وتشريعات مرسِّخَة لهذا النهج، من بينها القرار الصادر في 18 دجنبر سنة 2013 (البند العاشر)، القاضي بتـشجيع الـدول الـتي لم تقـم بعـدُ بوضـع سياسـة وطنيـة للمحفوظـات، تـضمن حفظ وحماية جميع المحفوظات المتصلة بحقـوق الإنـسان وسـنِّ قـانون يـنص علـى صَـوْن التـراث الوثـائقي للأمـة وحفظـه.. وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى الجهود الـتي يبـذلها حاليـاً مجلـس حقـوق الإنـسان، ومفوضـية الأمـم المتحـدة لحقـوق الإنـسان ومنظمـة اليونيسكو وهيئات دولية غير حكومية أخرى. هذا على المستوى الدولي، أما على المستوى الوطني فقد توالتْ المؤشرات الدّالة على الانخراط في هذا المسار، حيث تم إطلاق التجربة المغربية الخاصة بالعدالة الانتقالية، بإحداث «هيئة الإنصاف والمصالحة» (30 أبريل 2004 - 30 نوفمبر 2005)، بناءً على مطالب الضحايا وعموم الحركة الحقوقية من جهة، ومن جهة أخرى استجابة لمتطلبات الانتقال الديموقراطي في البلاد. وفي ذات السياق، تم التوافق على هذا المسار بين أغلب المكونات السياسية في الدولة والمجتمع... وعشية التجربة المغربية في العدالة الانتقالية، حفلت الساحة الحقوقية والثقافية المغربية بوفرة من التعبيرات الفنية والأدبية والشهادات، تعبيراً عن ذاكرات الضحايا وإحداثيات ترتبط بسنوات الرصاص المغربية. لقد مثَّلَ ذلك دعوةً صريحة إلى إعادة كتابة التاريخ، من حيث تنطلق تلك الاحداثيات والذاكرات. في هذا السياق، اعتمدت هيئة الإنصاف والمصالحة منهجيةَ النوع الاجتماعي كخيار يشمل جميع مجالات تدخلاتها، باستحضار شهادات نساء في جلسات استماع عمومية، ورصد نوعي للانتهاكات التي تعرضت لها المرأة في خصوصياتها، حيث يتبيَّن أن هكذا عنفٍ يؤثر بشكل سلبي مضاعف على شخصية المرأة جسدياً ومعنوياً واجتماعياً، مما يلحق أضراراً تدميرية بهويتها الجندرية من جهة، وبتماسك المجتمع الذي تنتمي إليه من جهة أخرى. وهكذا تكون هذه الهيئة قد أرست نهجاً نوعياً لحفظ ذاكرة نساء طالهنَّ الانتهاك والتهميش والنسيان. يتبين إذن، أن الاحتجاز والاعتقال التعسفي للنساء، ظل يمثل شكلاً من أشكال العنف المؤسساتي للدولة ضد النساء باعتبارهن الفئة الاجتماعية الأكثر عرضة للاضطهاد، ناهيك عن أن العنف يزداد أكثر في الترتيبات المكانية للسجون، النظامية وغير النظامية، التي قد تمثل سياسات مُؤسساتيةللدولة. إن السجون كحيز مكاني مغلق وعنيف ينضاف إلى العنف المعياري القائم على التمييز الاجتماعي. ولمّا كان العنف ضد النساء كانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، يرتبط بكل من السلطة السياسية والسلطة الاجتماعية القائمة على النظام البطريركي التقليدي، فإن جزءً كبيراً منذاكرة النساء ضحايا العنف تبدو غير مرئية وعرضةً للتهميش والنسيان.وفي الغالب الأعم، ظلت التعبير والتدوين حكراً على الرجل، حيث تتضاعف دلالات هذا الاحتكار أكثر في سياق الذكورية السائدة وفي الفكر الذكوري القامع، ولا سيما حين يتأطر هذا الفكر ضمن سياق أعمّ وأشمل، ألا وهو سياق عنف الدولة والمجتمع (البطريركي، هنا). من منطلق هذا السياق، وبناء على دستور المملكة، ولاسيما تصديره والفصول: 6 و25 و26 و31 و33 و161؛ نستحضر واجب تثمين وحفظ ذاكرات نسائية، ليس للوقوف فقط على جراح طالت نساءً كُنَّ ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، وإنما للسَّعي عملياً لإحداث مواقع للضمير والذاكرة، المحلية أو الإنسانية، المادية أو الافتراضية، وذلك من أجل تمكين الأجيال المتلاحقة من تعلُّمِ الدروس مما جرى. على مستوى المقاربة؛ إن مقاربة «مركز حقوق الانسان للذاكرة والأرشيف»إذ ترتكز على مقومات التجربة المغربية في العدالة الانتقالية، فذلك ليس من أجل التذكير وعدم النسيان فقط، وليس للتوثيق والتأريخ لماضٍ دفين، بل هو إصرار على مواصلة التضامن والدفاع عن حقوق كل المضطهدين والمعذبين في الأرض، وعن كل اللذين لا زالوا قابعين خلف قضبان الاستبداد والتعذيب في كل السجون والمنافي، وعن كل ضحايا الاختفاء القسري. في هذا الإطار، وارتكازاً على المنهجية الحقوقية، يعتمد المركز في مقارباته لماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على المناهج التربوية والأساليب التحسيسية والتثقيفية،الضامنة للموضوعيةوالقابلة للتفعيل والتنفيذ على مستويات حقوق الإنسان والديموقراطية. من هنا تأتي ضرورة الارتكاز على حفظ ذاكرة النساء، ضحايا العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، كعاملٍ للنهوض بالذاكرة الجمْعية للمغاربة ككل وبالتاريخ المغربي بكل روافده، وذلك من أجل تمكين الأجيال المتلاحقة من إزاحة الكوابح المُعطِّلة لقاطرة الانخراط في التقدم والازدهار، بسبب ما راكمه ثقل التاريخ وأثر الذاكرة من إحباطات سابقة، وفي أفق استشرافٍ لحاضرٍ ومستقبلٍ تُحفظ فيه الكرامة الإنسانية وتُصان فيه قيم الديموقراطية بناءً على اعتماد منهجية عملٍ حاضنة للطاقات الشابة، المُبدِعة والخلاقة من مختلف الجهات، ومن خلال الانفتاح على المؤسسات الوطنية وعلى التجارب الدولية في ذات المجال. على المستوى الإجرائي، يتعلق الأمر إجرائياً بوضعِ خطة مندمجة لحفظ الذاكرة وفق أساس تربوي، حيث تتحدَّدُ بالارتكاز عليها مجالاتُ التنسيق والتعاون مع فعاليات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الانسان والثقافة وآفاق الانفتاح المُثمر على التجارب الدولية المُقارَنة في مجالات العدالة الانتقالية والتجارب الفُضلى في إحداث وتأهيل وتدبير المتاحف ومواقع الذاكرة والضمير. في هذا السياق، تأتي فعاليات «قافلة ذاكرة»، وذلك من خلال:قافلة ذاكرة تعبرُأربع مدن وبلْدَات: إملشيل (11/10/09 دجنبر 2002/مرزوكة 08/07/06 يناير 2023/ الحسيمة (فبراير 2023)/الرباط (شهر مارس 2023.). لذلك؛ تتوخى فعاليات «قافلة ذاكرة» إنتاجَ مواد تعليمية،تحسيسية وتثقيفية وجمالية، تُرافع من أجل بناء متاحف محلية، وتؤثِّثُ لمتحف رقمي افتراضي يتوجه إلى الجمهور الواسع من أجل تعلم الدروس من الماضي والحاضر، حتى لا يتكرر ما جرى من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في المستقبل المنظور أو البعيد. تتوخى «قافلة ذاكرة» إحداث متاحف محلية، قد تصبح روافد في المدى القريب لإقامة متحف افتراضي يتَّسع لكل النساء اللواتي تعرَّضن للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على امتداد الخارطة الوطنية والجهوية والعالمية. تتطلّعُ «قافلة ذاكرة» باعتمادها المعارض التشكيلية والورشات التكوينية تمكينَ الفئات المستهدفة من الاستعمال الجَیِّد للصورة وللشهادة الشفهیة والمكتوبة وللنص القانوني والحقوقي من خلال اعتمادالتكنولوجيات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي في عمليات الاستكشاف والرَّصد لتعبيرات الذاكرات النسائية والمواقع الرمزية ذات الصلة. ترتكزُ فعاليات «قافلة ذاكرة» في تثمينها لذاكرة النساء المعْنيَّات، على تقديم وعرض البورتريهات التشكيلية والشهادات أو السرديات والتعبيرات الجمالية، لتكون قاعدة لقراءة الماضي وتأهيل الحاضر لبناء مستقبل خالٍ من القبح ومتّسِعٍ للكرامة الإنسانية. في هذا المضمار، تركز «قافلة ذاكرة»، على عيّنات من النساء، بدءً من نساء جبال الأطلس والريف، مروراً بنساء شهِدن الاعتقال السياسي، وصولاً إلى نساء رائدات ضمن حركات العائلات، فيما أصبح متداولاًبسنوات الرصاص في المغرب. تتوجه «قافلة ذاكرة» إلى الشباب كفئة مستهدفة، وذلك من خلال اعتماد مقاربات تشاركية وتفاعلية (مقاربة التثقيف بالنظير)، لما لھا من دور فعال في التعلم الأفقي، وبما تسمح به من استثمار لتجاربهم ومھاراتهم، من أجل تقْوِيَتِھا وتطويرها، مع حثِّھموتحْفیزھم على الانخراط في نقاش القضايا المجتمعية والحقوقية، و إشراكهم في إنتاج آلیات التحسيس والتوعية في مجال حفظ الذاكرة والنهوض بحقوق الإنسان وترسيخ قيم العدالة والانصاف والمصالحة والسلام. ختاماً، ومن أجل الاتصال والتواصل والتفاعل والاطلاع والمتابعة، يضعُ مركز الذاكرة والأرشيف رهن إشارة عموم المهتمين والمتتبعين، عنوان المنصة الرقمية التالي: www.dakira.org